المجتمع، تختار ضخ كميات هائلة من الأموال الى الأغنياء وخفض الضرائب على عائدات الرأس المال في هذا الوقت بالذات. وقد اختارت مواجهة الغضب الجماهيري ليس من خلال تقديم التنازلات الى الطبقة العاملة، بل عبر قمع الاحتجاج. من جهة أخرى، كان الغضب والاحتجاج الجماهيري هو رد فعل على قرون من التمييز والعنصرية تجاه السود التي يعيد انتاجها النظام الرأسمالي كحاجة لتراكم الرأسمال.
ان هذا الخيار التي لجأت اليه الحكومة الامريكية يضع المجتمع على فوهة بركان. لحد الان، خلقت الحكومة دائرة خبيثة. اذ يواجه الغضب الجماهيري من خلال القمع، وبدوره يزيد قمع الشرطة من الغضب الجماهيري. والوضع مفتوح لعدة احتمالات منها صعود الفاشية كسبيل لحل ازمة النظام الرأسمالي. لقد برزت النازية والفاشية في القرن العشرين لتدمير القوى الشيوعية والاشتراكية وسد الطريق امام البديل الاشتراكي وإعادة عجلة الإنتاج الى الاقتصاد الرأسمالي المنهار بسبب ازمة مماثلة للازمة الحالية.
اي ان ما أدى الى صعود النازية والفاشية الى الحكم في الثلاثينيات من القرن العشرين كان الانهيار الاقتصادي ووجود خطر البديل الاشتراكي في المجتمع. صحيح ان الانهيار الاقتصادي في امريكا لم يصل الى مستوى الانهيار الاقتصادي في المانيا قبل صعود هتلر، كما ان البديل الاشتراكي ليس مطروح بالقوة نفسها، الا ان الاحداث تتطور بسرعة واحتمال اشتداد الازمة الاقتصادية وتبلور البديل الاشتراكي كخيار امام المجتمع وارد، ولذا فان لجوء البرجوازية الى الفاشية هو امر وارد.
فمن جهة، رغم تأخر نمو الوعي عن مواكبة الاحداث بما فيها تلك الناتجة عن الازمة، الا انه ينمو بشكل ملحوظ. لم يعد بإمكان الماكنة الدعائية للبرجوازية من اقناع الأجيال الجديدة بالتبريرات المقدمة لعدم المساواة في المجتمع وبان الغنى هو بسبب مثابرة وذكاء ومؤهلات الغني وكون الانسان في قعر السلم الاجتماعي يعود الى غبائه او كسله. ولم يعد من السهل تبرير ان يكون ثروة اغنى ثلاث اشخاص في أمريكا تعادل ثروة 160 مليون امريكي.
ان الذي سيمنع الطبقة الحاكمة من التوجه الى خيار الفاشية هو ادامة الضغط والاحتجاج وبناء قوة تقدمية في المجتمع تدفع المجتمع باتجاه أكثر اشراقا. من جهة أخرى، دون ادامة الاحتجاج سوف لن يحدث تغيير جدي، وسوف يعود عنف الشرطة وقتل السود ليكون شيئا مألوفا في المجتمع الأمريكي كما كان دائما.
ان الاحداث الحالية هي احداث ثورية تاريخية كسرت حاجز الخوف، وقد تؤدي الى تغيرات هائلة في الوعي وفي السياسة والثقافة لذا يجب ادامتها. ان الاتجاه الذي يأخذه هذا التغيير يعتمد على تدخل الشيوعيين والاشتراكيين في المجتمع. تخص الاحداث في أمريكا كل أنسان يتطلع الى غد أفضل في كل بقعة من بقاع العالم. من واجبنا التصدي لليمين وادعاءاته وماكنته الإعلامية التي تكمن وظيفتها في إخفاء الحقيقية. ان عنف الشرطة والقمع الذي تقوم به هي ليست مسائل فردية.
ان النظام هو من يضع الافراد في مواقف صعبة ويوفر أوضاع موضوعية من فقر وتهميش وعنصرية تجبر الافراد على ممارسة الجريمة والشرطة على ممارسة العنف.