فارس محمود
لقد اخفقت حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو بالشروع بتنفيذ خطة ضم مناطق واسعة من الضفة الغربية، وهي الخطة التي حدد لها يوم الاول من تموز المنصرم للبدء بها. اذ تتضمن هذه الخطة التي هي جزء من "خطة السلام" التي طرحها الرئيس الامريكي ترامب في اوائل هذا العام والمسماة على الصعيد الاعلامي بـ"صفقة القرن".
تقتضي هذه الخطة التي تسميها حكومة اليمين الاسرائيلي بـ"بسط السيادة" ضم 30% من الضفة الغربية من بينها غور الاردن والمستوطنات الاسرائيلية مقابل تاسيس دولة فلسطينية منزوعة السلاح (!!). بدءاً ان البشرية جمعاء، ماعدا اؤلئك الذين لهم مصلحة في الحروب والمآسي، تنشد عالم "منزوع السلاح"، ولكن من الصعب استساغة ذلك من دولة بنيت اساساً على الحرب، العنف، التهجير والتشرد، سياسة الارض المحروقة، الاستيطان، الاحتلال والقمع والسلاح والمجازر! كيف يمكن ارساء بلد "منزوع السلاح" بمحاذاة جار ومنطقة مدججة بالسلاح؟! لايهدف من هذا سوى ارساء دويلة ضعيفة وهزيلة و"لا حول ولا قوة لها" تتلاعب بها دولة اسرائيل كيف ومتى تشاء!
انها ليست خطة "احلال سلام"، بل الحاق وضم اراضي بالقسر والعنف والغطرسة وفرض الامر الواقع. انها خطة لاتبقي "سلام" بمعنى ما، اي سلام، ناهيك عن سلام حقيقي. انها، ولشدة يمينيتها ويمينية ترامب وحكومته، هي خطة مسار اخر معاكس حتى لكل مساعي رؤوساء الحكومة الامريكية السابقين المنحازين اساساً لاسرائيل وسياساتها العنجهية والاستيطانية، سياسات رعت بالمطاف الاخير مباحثات سلام واتفاقيات كامب ديفيد واوسلوا والتي محورها طرح حل تاسيس دولتين.
ان مرد ذلك الاخفاق يعود في جانب منه للاختلاف الجدي والواضح والتناقضات الداخلية على صعيد الحكومة الاسرائيلية حديثة التشكيل نفسها، اذ يعارض تطبيق هذه الخطة كل من وزير الدفاع الذي هو نفسه رئيس الوزراء بالنيابة (غابي اشكنازي) ووزير خارجية اسرائيل وكذلك للاختلافات البينة داخل الحكومة الامريكية نفسها حول هذه الخطة.
ان اخفاق تنفيذ هذه الخطة بتاريخها المحدد يعود في جزءه الاغلب الى المعارضة العالمية الواسعة لهذه الخطة. اذ جرت العديد من التظاهرات الجماهيرية في ارجاء العالم الواسعة ضد سياسة الغطرسة الامريكية-الاسرائيلية هذه من جهة. ومن جهة اخرى، فان الامم المتحدة التي ترى في هذه الخطوة حركة مناقضة وبالضد تماماً من مجمل القرارات الدولية التي اتخذتها نفسها قبل عقود وحثت وتحث عليها بهدف حل هذه القضية وانهائها، اي حل دولتين مستقلتين كاملتا السيادة، حدودهما هي حدود 1967 والقدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين، اذ اعلنت الامم المتحدة انها لاتعترف بقانونية توسع دولة اسرائيل، اي الخطة الجديدة. كما عبر الاتحاد الاوربي عن معارضته الشديدة لهذه الخطوة. ( وبشكل اخص فرنسا، والمانيا التي لوحت بفرض عقوبات على اسرائيل، وبريطانيا التي اكدت على عدم الاعتراف باي حدود جديدة لاسرائيل خارج اتفاق 67).