على مصادر الثروة من ارض وماء ووقود، اي انتزاع الملكية وخلق قوة عاملة رخيصة في الدول الاوربية وانتزاع الملكية من السكان الاصليين في "العالم الجديد"، اي المستعمرات مثل امريكا واستراليا واستخدام عمل العبيد. ورافق بروز الرأسمالية نشوء الدولة القومية، واشتداد الاستعمار وتجارة العبيد من افريقيا. لقد ادت كل هذه الظواهر الى نمو الفكر العنصري والعنصرية والتمييز لا على اساس الدين والتقافة ومستوى التطور فحسب، بل على اساس العرق ايضا، بشكل قوي. ادت تجارة الرقيق من افريقيا بالذات و الاستعمار ومصادرة اراضي السكان الاصليين الى ظهور العنصرية كايدولوجيا لتبرير هذه الظواهر التي رافقها عنف وحشي.
وكان لتجارة العبيد والعبودية بالذات، من بين كل الظواهر الاخرى، دور اكبر في بروز العنصرية. العبودية كانت موجودة منذ اكثر من 1100 سنة ومورست داخل اوربا نفسها ضد اليهود والغجر ومجموعات سكانية اخرى، ولكن كان استخدام الرأسمالية المبكر للعبيد من السود لتزويد مزارع "العالم الجديد" بالعمال حدث هام في نشوء الرأسمالية، واصبح سبب رئيسي في بروز العنصرية وتحولها الى ايديولوجية راسخة، واسهم في جعل نظريات "العنصرية العلمية" اكثر تطورا وتكاملا. لعبت الدول القومية دورا حاسما في الجمع بين العنصرية و نمط الانتاج الراسمالي لزيادة الاستغلال.
لقد كانت وحشية تجارة الرقيق من افريقيا مروعة للكثير من الناس ومعارضة لكل مفاهيم الانسان، لذلك دفع الرأسماليون وممثليهم بالعنصرية كايدولوجية لتبرير تلك الفظائع والمعاملة المروعة للسود، بعد تقسيم البشرية الى اعراق ووضع الافارقة في ادنى السلم، في وقت حدث فيه اكبر تراكم للثروة المادية التي شهدها العالم حتى ذلك الحين. وهكذا، لقد برزت العنصرية كايديولوجيا لتبرير واحدة من اكبر الجرائم في تاريخ البشرية، اي تجارة العبيد من السود، والتي كانت ركيزة اساسية لعملية التراكم البدائي، حيث تم استعباد الملايين للعمل في مزارع امريكا وجزر البحر الكاريبي.
واتخذت العنصرية ايضا كمبرر ايديولوجي لتبرير الهيمنة الغربية والاستعمارعلى بقية العالم، وادت الى بروز مفاهيم مثل "عبئ الرجل الابيض".
و قد اشتدت العنصرية ومحاولات تفسيرها علميا واثبات ان للاوربيين الحق في حكم الافارقة والاسيويين مع وصول الاستعمار الغربي الى ذروته في أواخر القرن التاسع عشر "التدافع لأفريقيا" وأجزاء من آسيا والمحيط الهادئ الذي تزامن مع صعود القومية في اوربا. ووصلت العنصرية الذروة في القرن العشرين مع وصول أنظمة عنصرية الى الحكم مثل المانيا النازية وتشديد القوانين العنصرية ( قوانين جيم كرو) في الجنوب الأمريكي التي دعمت العنصرية البيولوجية والعنصرية المستندة على الاصول الثقافية من خلال القانون.
ولكن تراجعت العنصرية بعد سقوط النازية وتبني الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 1948، والالغاء التدريجي للقوانين العنصرية في الجنوب الامريكي. لكن بقت العنصرية في هذه المجتمعات حية حتى دون الدعم الكامل والصريح من الدولة والقانون، ولم تعد العنصرية تتطلب أيديولوجيا تتمحور حول مفهوم عدم المساواة البيولوجية. تعيد الرأسمالية انتاج العنصرية ويستمر التمييز من قبل المؤسسات والأفراد ضد أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم مختلفون عنصريًا. و لعبت سياسات صدام الحضارات والتعدد الثقافي والثقافة النسبية التي برزت بعد انهيار الكتلة الشرقية الى تقوية العنصرية وتشجيع التمييز ضد المهاجرين في العديد من البلدان الغربية على اساس "الاختلافات الثقافية" ولون البشرة.