يرتفع يوما بعد يوم دوي قرع طبول (الانتخابات المبكرة) التي أعلنها مصطفى الكاظمي قبل أكثر من شهر. وتم تحويل كل مشاكل العراق من إراقة دماء المئات من ضحايا انتفاضة أكتوبر وجرائم المليشيات الإسلامية التابعة للجمهورية الإسلامية في ايران، وانعدام الخدمات، والبطالة، وموتى ضحايا كورونا واستمرار عملية الفساد عبر المحاصصة السياسية، وحصر كل تلك المشاكل، بموضوع إجراء انتخابات مبكرة، إذ يتم تسويقها كأكسير الحياة في العراق. والجميع يعزف على وترها من التيار القومي المحلي (الوطني) المدعوم أمريكيا المتمثل بالعبادي والتيار الصدري وعلاوي والنجيفي وكذلك مرجعية النجف، وممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
نحن نعلم أن انتفاضة أكتوبر قلبت التوازنات والمعادلة السياسية، ولكن للأسف ليس لصالح الجماهير لحد هذه اللحظة، إذ لم يكن مطلب الانتخابات المبكرة في أجندة الانتفاضة، ولم يكن أيضاً في برنامج العمود الفقري لها ومشعل شرارتها، وهم ملايين العاطلين عن العمل، ملايين الذين خرجوا من أجل المساواة ومن اجل حياة أفضل. ان الانتخابات المبكرة كان مطلب التيار الذي خسر او تقوض نفوذه السياسي بعد مهزلة انتخابات آيار 2018 وقاطعها أكثر من 82% من الجماهير ردت على تلك المهزلة بإشعال انتفاضة أكتوبر والإعلان بعدم شرعية تلك الانتخابات.
إن الانتخابات المبكرة وبعكس ما يتم الترويج لها كذبا من قبل ذلك التيار الذي يمثله اليوم الكاظمي، لم تكن من أجل تحقيق مصالح الجماهير، وليس هناك أيضا أي ربط بينها وبين مطالب المنتفضين، ودمائهم التي سالت في شوارع بغداد والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء والحلة والديوانية...، ولن يكن إجراءها أبدا بدافع إخراج المجتمع العراقي من الأزمة السياسية، إنها فقط تأتي لحل أزمة الصراع على السلطة